كيفية صلاة قيام الليل والوتر

صلاة قيام الليل والشفع والوتر: فضلها، كيفية أدائها، وأحكامها

صلاة قيام الليل من أعظم العبادات التي تقرب العبد إلى ربه، وقد حثَّ الإسلام عليها في العديد من النصوص الشرعية. يتضمن قيام الليل العديد من الصلوات التي تؤدى في الليل بعد صلاة العشاء، ومنها صلاة الشفع والوتر، التي تُعدُّ من السنن المؤكدة التي يؤديها المسلمون للحصول على أجر عظيم ورضا الله سبحانه وتعالى.

1. فضل قيام الليل:

قيام الليل يُعدُّ من أبرز العبادات التي تعكس مدى تقوى العبد وإخلاصه لله، وقد ورد في القرآن الكريم وفي السنة النبوية الكثير من النصوص التي تحث على قيام الليل وتبين فضله. ففي كتاب الله عزَّ وجل، يقول سبحانه وتعالى:

“تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً وما قدمت لهم من نفس من عمل صالحاً يجزى به” (السجدة: 16).

والمعنى هنا أن المؤمنين في الليل يبتعدون عن الراحة والنوم فيستيقظون ليقوموا بعبادة الله، وتكون هذه العبادة سبباً في التقرب إلى الله والتوبة والرحمة. كما ورد في الحديث النبوي الشريف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:

“من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه”. (متفق عليه).

ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحرص على قيام الليل رغم أنه كان قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. هذا يدل على أهمية قيام الليل في حياة المسلم.

2. متى يُصلى قيام الليل؟

قيام الليل يبدأ بعد صلاة العشاء ويستمر حتى قبل الفجر. وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يفضل أداء قيام الليل في الثلث الأخير من الليل، حيث قال صلى الله عليه وسلم:

“ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يمضي ثلث الليل الأول، فيقول: من يدعوني فاستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟”. (رواه البخاري).

وعليه، يُستحب للمسلم أن يؤدي صلاة قيام الليل في هذا الوقت الذي يعد أفضل أوقات الليل.

3. كيفية أداء صلاة قيام الليل:

يمكن للمسلم أن يؤدي صلاة قيام الليل بعدة طرق، وأهم ما يميزها أنها صلاة نفل يمكن أداءها كما يشاء المسلم من حيث عدد الركعات وطريقة القراءة. إلا أن هناك بعض الآداب والسنن التي يُستحب اتباعها، ومنها:

• النية: يُشترط أن ينوي المسلم أداء الصلاة لوجه الله تعالى، سواء كان ذلك بنية عامة أو بتحديد قيام الليل لتقربه إلى الله. النية في قلب المسلم تكفي، ولا يحتاج إلى أن يلفظ بها.

• عدد الركعات: يجوز أن يُصلي المسلم ما يشاء من الركعات. كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي الليل ركعتين ركعتين، فإذا بقي في النهاية، صلى الوتر.

• السورة في الصلاة: يُستحب للمصلي أن يقرأ في صلاة قيام الليل سورًا طويلة أو بعض الآيات التي تُحفز على التأمل والتدبر. ويمكن قراءة سور قصيرة إذا كان الشخص لا يستطيع إتمام السور الطويلة.

• الخشوع: من أعظم آداب قيام الليل أن يتسم المسلم بالخشوع والتواضع أمام الله. يُستحب أن يطيل المصلي في الركوع والسجود، ويكثر من الدعاء.

4. صلاة الشفع والوتر:

صلاة الشفع والوتر هي جزء مهم من صلاة قيام الليل، وهي إحدى السنن المؤكدة عن النبي صلى الله عليه وسلم. فيما يلي تفاصيل كيفية أدائها:

أ) صلاة الشفع:

صلاة الشفع هي صلاة ركعتين تُصلى بعد قيام الليل. أما عن كيفية أدائها فهي كالآتي:

• يُصلي المسلم ركعتين، ويبدأهما كما في أي صلاة أخرى من تكبيرة الإحرام.

• بعد أن يقرأ الفاتحة والسورة في الركعة الأولى، يركع ثم يسجد، ثم يقوم للركعة الثانية، ويقرأ الفاتحة وسورة أخرى.

• بعد السجدتين في الركعة الثانية، يُسلم المصلي، وبذلك تكون صلاة الشفع قد انتهت.

ب) صلاة الوتر:

صلاة الوتر هي آخر ما يُصلى من صلاة الليل، وتُصلى بعد صلاة الشفع. يتراوح عدد ركعات الوتر بين ركعة واحدة وثلاث ركعات، ويمكن للمسلم أن يصلي الوتر بإحدى الطرق التالية:

• وتر ركعة واحدة: يصلي المصلي ركعة واحدة بعد الشفع، وبعد أن يقرأ الفاتحة والسورة، يدعو الدعاء المأثور ثم يسلم.

• وتر ثلاث ركعات: يمكن أداء الوتر ثلاث ركعات، بحيث يصلي المسلم الركعة الأولى والثانية كأي صلاة عادية، وفي الركعة الأخيرة بعد قراءة الفاتحة والسورة، يرفع يديه بالدعاء.

في صلاة الوتر، يُستحب للمسلم أن يرفع يديه في الدعاء بعد الركعة الأخيرة من الوتر، ويدعو بما شاء، سواء كان من الأدعية المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم، أو من الأدعية الشخصية.

5. أهمية الوتر والآداب المتعلقة بها:

صلاة الوتر تحمل معها العديد من الفضائل والآداب التي تزيد من قرب المسلم إلى ربه. وأهم ما ينبغي على المسلم مراعاته في صلاة الوتر هو:

• الحرص على أدائها في وقتها: يُستحب أداء صلاة الوتر قبل الفجر، وإذا فات وقتها يمكن قضاؤها بعد الفجر ولكن في غير وقت النهي.

• القيام بالدعاء في الركعة الأخيرة: الدعاء في آخر الوتر يُعد من أفضل الأوقات التي يُستجاب فيها الدعاء، لذلك يُستحب الإكثار من الدعاء بعد الانتهاء من صلاة الوتر.

• الاعتدال في عدد الركعات: إذا صلى المسلم ركعة واحدة من الوتر فإن ذلك يكفي، ولكن يمكن أن يصلي ثلاث أو أكثر إذا كان ذلك ممكنًا.

6. أحكام وأمور مهمة في قيام الليل والشفع والوتر:

• القضاء: إذا نسي المسلم صلاة الشفع والوتر أو فاتته لأي سبب، فيجوز له قضاؤها في وقت لاحق، حتى وإن كان ذلك في النهار.

• الجمع بين الشفع والوتر: يجوز للمسلم أن يصلي الشفع والوتر مباشرة بعد صلاة العشاء، كما يمكنه تأجيلها إلى وقت آخر من الليل.

• النية: في صلاة الشفع والوتر، كما في جميع صلوات قيام الليل، يجب أن يكون لدى المصلي نية صادقة بأن هذا العمل هو لوجه الله تعالى.

• الدعاء بعد الوتر: من السنن الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يدعو بعد الوتر، وتعد هذه اللحظات من الأوقات المستجابة.

• حكم الشفع والوتر: صلاة الشفع والوتر هي سنة مؤكدة، ولم ترد في القرآن كفرض ولكنها من السنن المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ويحث المسلمون على الإكثار منها.

خاتمة:

صلاة قيام الليل والشفع والوتر تُعدُّ من أهم العبادات التي تساعد المسلم على التقرب إلى الله وتحقيق الطمأنينة والراحة الروحية. إنها فرصة عظيمة للعبد للتوبة، والدعاء، والتفكر في نعم الله عزَّ وجل. وينبغي على المسلم أن يحرص على أدائها باستمرار، وأن يُخصص وقتًا ثابتًا للقيام بها، وذلك لنيل الأجر العظيم والمغفرة من الله سبحانه وتعالى.